مؤتمر دولي حول المشاركة السياسية.. الأنصاري لـ«الأيام»: استشارات نوعية مباشرة لـ«47 مترشحة»

أكدت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري أن الانتخابات النيابية والبلدية التي ستشهدها المملكة في الـ24 من الشهر الجاري ستكون مختلفة عن الانتخابات السابقة لزيادة الوعي وجاهزية المرأة البحرينية المتعلمة والمثقفة والواعية والمتفاعلة مع قضايا مجتمعها، ونضج التجربة البرلمانية والبلدية التي مرت عليه أربعة فصول تشريعية.
وقالت الانصاري في حوار مع ((الأيام)) إن النساء البحرينيات يمتلكن وعي سياسي مرتفع وشكلن حوالي نصف الكتلة الإنتخابية في جميع الفصول التشريعية وهناك ارتفاع ملحوظ في عدد المترشحات للانتخابات النيابية والبلدية بنسبة 50% على مر أربعة دورات إنتخابية، وأشارت إلى أن برامج المجلس المخصصة لمتابعة تقدم المرأة في مجال العمل السياسي وصنع القرار شهدت بدورها تحولاً في التوجه والمضمون وبشكل يتسق من تراكم خبرة المرأة البحرينية وارتفاع نسبة مشاركتها في الشأن العام.
وذكرت أن جميع الدول التي تبنت أنظمة ((الكوتا)) كتدبير مؤقت لم تتخلَّ عنها إلى اليوم وفي ذلك مصادرة لحق الناخب في الاختيار ((الحر))، خصوصاً وأن تلك التدابير قصد منها أن تكون مرحلية لرفع وعي المجتمع وإعطاء المرأة فرصة لإثبات قدرتها في إحتراف العمل النيابي أو البلدي، وأوضحت بأن الإرادة السياسية لم تتردد قط في استيعاب ودعم الكفاءات النسائية للوصول إلى مواقع صنع القرار، وتتحمل الإرادة الشعبية مسئولية وصول المرأة للمجالس المنتخبة ويلعب وعي المجتمع دور في ذلك.
ورفضت الأنصاري وصف المنافسات الانتخابية بـ«المعركة» أو ب((العرس)) كما يطلق البعض على المشاركة في الانتخابات، مؤكدة أن جوهر التنافس الانتخابي، والمحك - بحسب تعبيرها - هو القدرة على كسب ثقة الناخب والتحلي بلياقة وكياسة التنافس التي هي سمة بحرينية أصيلة.
ونوهت إلى أن «برنامج الاستشارات الانتخابية للمرأة البحرينية» متاح لجميع المترشحات للمجلس النيابي والبلدي وعددهن لهذة الدورة الانتخابية حوالي (47) مرشحة ويعمل على أساس تقديم الاستشارات النوعية المباشرة في كل ما يتعلق بإدارة الحملة الانتخابية، وفيما يلي نص الحوار مع الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة:
• بالحديث عن المشاركة السياسية للمرأة البحرينية تحديداً ونحن نعيش حالياً ((معركة)) انتخابية، ما هي آلياتكم لرصد المشاركة السياسية للمرأة البحرينية خاصة في ظل تزايد عدد المرشحات؟
لا أود وصف المنافسات الانتخابية ((بالمعركة))، بالتأكيد سيكون هناك رابح وخاسر كمحصلة نهائية، ولكن هذا هو جوهر التنافس الانتخابي والمحك هنا هو القدرة على كسب ثقة الناخب والتنافس بلياقة وكياسة ونزاهة وهو ما عرفناه في خلق أهل البحرين، كما لا يوجد ما يسمى ((بالعرس)) الانتخابي في الأنظمة الديمقراطية، بل هناك ممارسة لحقوق سياسية وهي أيضاً مسئولية وطنية تتحدد من خلالها مواطنية الأفراد.
وأما بالنسبة لآليات المجلس في رصد المشاركة السياسية للمرأة البحرينية فهي متعددة ومتنوعة وتبدأ في العادة بشكل زمني مبكر، وهي على سبيل المثال، استبيانات واستطلاعات الرأي العام، والدراسات الميدانية والحلقات النقاشية ومجموعات التركيز التي نستشف من خلالها توجهات الرأي العام وتحضيرات المرأة البحرينية لخوض الانتخابات. ولعل أهم برامج المجلس لرصد موقع المرأة وحظوظها الانتخابية واستعداداتها لانتخابات هذه الدورة، هو ما أطلقنا عليه ((برنامج الاستشارات الانتخابية للمرأة البحرينية)) ومتاح لجميع المترشحات للمجلس النيابي والبلدي وعددهن حوالي (47) مرشحة، وهن في الغالب مستقلات، ويعمل على أساس تقديم الاستشارات النوعية المباشرة في كل ما يتعلق بإدارة الحملة الانتخابية بعناصرها القانونية والسياسية والاعلامية واللوجستية، ورصدنا من خلال الاستشارات المقدمة التي يتقدم لها نخبة من المرشحات من أصحاب الخبرة والكفاءة، والمرأة البحرينية لا ينقصها الفهم النظري للمشاركة السياسية، ولكنها بحاجة إلى ممارسة ميدانية خصوصاً وأن خوض الانتخابات يستدعي فهم دقيق للعديد من الجوانب ذات الصلة بتركيبة الدائرة الانتخابية وتوجهات الناخبين وإدارة العلاقات مع المنافسين وفرق الحملات الانتخابية.
• على الأرض ينفذ المجلس هذا العام برنامج المشاركة السياسية للمرأة، لماذا تغيير التسمية من ((التمكين)) السياسي للمرأة إلى ((المشاركة)) السياسية وما هي أبرز ملامح البرنامج في نسخته المطورة؟ ولماذا تخليتم عن التدريب في هذه المرحلة، وتم الاكتفاء بتقديم استشارات انتخابية للمرشحات؟
ما أشرت إليه قبل قليل هو بالضبط ما أسهم في إحداث تحول في توجهات المجلس وطريقة إدارته للبرنامج وهو جاهزية المرأة البحرينية المتعلمة والمثقفة والواعية والمتفاعلة مع قضايا مجتمعها، بالإضافة إلى نضج التجربة البرلمانية والبلدية التي يبلغ عمرها 16 عاماً، فالبحرين اليوم لا تبدأ من نقطة الصفر، ومشاركة المرأة ليست حديثة العهد لا على صعيد خبرتها المهنية أو المعرفية أو العملية ولا على صعيد ثقافتها السياسية، ويمكننا أن نقيس ذلك من خلال الكتلة الانتخابية حيث تمثل النساء حوالي نصف الكتلة في جميع الفصول التشريعية، كما ارتفع عدد المترشحات للانتخابات النيابية والبلدية بنسبة 50% خلال أربع تجارب انتخابية فقط، وبالتالي فإن تحول وتطور البرنامج يأتي بشكل يتسق مع تطور قدرات وتراكم خبرات المرأة البحرينية، ووجود مؤسسات كمعهد التنمية السياسية معنية بتدريب المهتمين والمقبلين على العمل التشريعي والبلدي، أسهم في عودة اختصاصات التدريب لنصابها الطبيعي وقيام المؤسسة المعنية بدورها، وهذا ليس بتخلي عن مهمة التدريب بل إعطاء كل مؤسسة حقها ودورها في إطار ما تمتلكه من اختصاص.
وما أود توضيحه هنا بأن برنامج المشاركة السياسية هو برنامج أشمل من برنامج التمكين السياسي في نسخته الأولى وتمتد فترته التنفيذية على مدى أربع سنوات عمل، وقد بدأ البرنامج الحالي منذ العام 2015 ويستمر للعام 2018، وتسمى مرحلته الأخيرة ببرنامج التهيئة الانتخابية تحضيراً للانتخابات الحالية. وأهم ما يميز البرنامج هو تناوله للمشاركة السياسية بصورته الأشمل وليس فقط في جزئيته الخاصة بعضوية المجالس التشريعية والبلدية، فمثلاً يركز البرنامج على مجال وصول المرأة لمواقع صنع القرار في كافة السلطات الدستورية، وعضوية المرأة في الجمعيات السياسية ووصولها لمراكز قيادية على الهياكل الإدارية لتلك الجمعيات، ودون إغفال لممارسة المواطنين لحقهم في اختيار الناخبين والقائم على عنصر الكفاءة فقط.
برنامج الاستشارات الانتخابية يضم خبرات وطنية في عدة مجالات، إلى أي مدى تعتقدون أن هذه الخبرات الوطنية يمكن أن تضع المرشحة على طريق النجاح في الانتخابات؟ وما نوع الاستشارات التي تطلبها المرشحات؟
هي عامل مساعد دون أدنى شك، وما يميز الخبرات التي تعمل على «مدار الساعة» في هذه الفترة مع المرشحات بحسب احتياجاتهم الفنية، بأنها خبرات ((وطنية)) وقائمة على العمل الجماعي كل في مجال اختصاصه النوعي، ويعمل معهد التنمية مشكوراً بالتعاون مع المجلس في وضع منهجية عمل البرنامج وفي إدارة تفاصيله وفي وضع التقارير الدورية التي توضح الفرص والتحديات المحيطة بالمرشحة، خصوصاً وأن كافة المرشحات اللواتي يتم قبول طلباتهن هن مستقلات ولا ينتمين لأي جمعية سياسية.
وتتمثل طبيعة التساؤلات في الاستشارات التي بلغ عددها حتى الآن حوالي (55) استشارة، ويتلقى البرنامج (10) طلبات أسبوعياً حتى موعد الصمت الانتخابي، وعادة ما تكون الاستشارة حول طبيعة الدائرة الانتخابية وإدارة الحملات من الناحية الإعلامية والجماهيرية والمالية، وأود أن أوضح هنا بأن البرنامج لا يقدم أية مساعدات عينية أو مادية لأية مرشحة. وفي حال رصد البرنامج احتياج أكبر لفهم أساسيات الترشح فتمت إحالة المرشحة لبرامج معهد البحرين للتنمية السياسية الذي جاء هذا العام تحت عنوان «درب.. درب» ويقدم سلسلة برامج تدريبية راعت احتياجات المرشحين والمرشحات التدريبية وفتح المجال للجميع بما فيهم الفرق المساندة من الالتحاق، وجميعها تقدم مجاناً وعلى أيدي خبراء ومدربين متميزين.
• هل تعتقدون أن هذه الاستشارات كافية للمرأة لتخوض الانتخابات في ظل شراسة المنافسة؟ وهل فوز المرأة بمقعد نيابي أو بلدي يعكس مدى جودة عمل برنامج الاستشارات أم هناك تحديات أخرى تتحكم في النتيجة؟
طبعًا ليست كافية ولكنها تساند المرأة المستقلة، وعلى كل مرشحة أن تعي طبيعة الانتخابات وتكون على إلمام تام بما هو متوقع في ميادين الممارسة، لذلك تم استحداث محور خاص بالبرنامج لمساندة المرأة وإعدادها لإدارة الضغوط التي قد تواجهها ميدانياً في مواجهة إية تحديات قد تطراً في مجال تواصلها الجماهيري، ويتولى هذا الجانب الخبيرتان القديرتان الدكتورة بنة بوزبون والأستاذة أشواق بوعلي. وأي مطلع على العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية التي تتحكم في مزاج الناخب والمشهد السياسي بشكل عام يعرف سلفاً بأن مسألة الفوز أو الخسارة هي مسألة لا تحكمها فقط برامج واستشارات تأتي لدعم من هم بحاجة لها، لتبقى استعدادات المتنافس العالية وقدرته على التحالف والمناورة الميدانية هي الحكم في نهاية المطاف.
• تصدر بين الفينة والأخرى مطالبات من أشخاص أو منظمات مجتمع مدني في مملكة البحرين بتطبيق نظام الحصص «كوتا»، بحيث يتاح المجال أمام المزيد من النساء مشاركة أوسع في الحياة السياسية بقوة القانون، ونعرف دولا طبقت هذا النظام، وبررتم موقفكم بالرفض في أكثر مناسبة، فلماذا هذه المطالبات ولماذا ترفضونها؟
للمجلس اختصاص أصيل وهو معني بـ«تفعيل المبادئ الواردة في ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين فيما يتعلق بالمرأة»، والميثاق والدستور تضمنا نصوصاً واضحة حول المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، فكيف نأتي ونطالب بقوانين تمنح المرأة حقوق إضافية لمجرد أنها امرأة؟ ومن جانب آخر، جميع الدول التي تبنت أنظمة الكوتا كتدبير مؤقت لم تتخلى عنها إلى اليوم وفي ذلك مصادرة لحق الناخب "الحر" في الاختيار، خصوصا وأن تلك التدابير قصد منها أن تكون مرحلية لرفع وعي المجتمع وإعطاء المرأة فرصة لإثبات قدرتها في إتقان العمل النيابي أو البلدي.
وهذا يأخذنا إلى جانب أكثر أهمية وهو ما الذي يميز العمل التشريعي أو الخدمي عن أي مجال عمل تنموي، ففي الوقت الذي استطاعت أن تحقق المرأة مستويات عالية من المشاركة في مجالات عمل نوعية ومؤثرة، كالعمل القضائي أو الدبلوماسي أو الوزاري فلماذا يكون العمل التشريعي عمل خارق وفوق العادة أمام المرأة في الوقت الذي نشهد وصولاً للمرأة لسدة الرئاسة في عدد لا بأس به من البرلمانات وعلى غرار التجربة الاماراتية في ذلك. والفرق بين المجالين إن هناك إرادة سياسية لم تتردد في استيعاب الكفاءات النسائية في مواقع صنع القرار، وفي المقابل هناك إرادة شعبية هي من تقرر وصول المرأة للمجالس المنتخبة وتتحمل مسئولية ذلك، وما وصول المرأة إلا انعكاس لوعي المجتمع وتقديره لكل فئاته، ولا ننسى نقطة أخيرة بأن نظام الكوتا في مفهومه النظري هو لحفظ حقوق الأقليات ومستويات تمثيلها السياسي، فالسؤال هنا هل يقبل المجتمع أن تندرج المرأة البحرينية اليوم تحت هذه الخانة؟!
• تحضرون لمؤتمر دولي حول المشاركة السياسية للمرأة، فهل لنا أن نتعرّف على مناسبته ورسالته؟ وما هي أهم المحاور التي ستناقشها جلسات المؤتمر؟
المؤتمر يأتي ضمن برنامج عمل المجلس لتنشيط موضوع يوم المرأة البحرينية الذي وجهت له صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة هذا العام للاحتفاء بمساهمات المرأة في مجالي العمل البلدي والتشريعي، وهو تحت الرعاية الكريمة لسموها، وبمشاركة دولية واسعة من رؤساء ونواب وأعضاء لبرلمانات ومجالس شورى، ووزيرات، ورؤساء حكومات ووزراء سابقين، ومفكرين، واعلاميين، ومنظمات دولية ومؤسسات مجتمع مدني وأكاديميين وطلبة الجامعات والمراكز البحثية، وسيكون تحت عنوان، دور المشاركة السياسية للمرأة في تحقيق العدالة التنموية «تجارب عملية.. وتطلعات مستقبلية»، وستعقد جلسات عمله على مدى يومين 14 و15 من نوفمبر الجاري بفندق الخليج.
وسيستعرض المؤتمر التقدم المحرز على المستوى العالمي لمشاركة المرأة في المجال السياسي، وطبيعة الفرص المتاحة للتسريع من وتيرة تلك المشاركة ورفع التمثيل السياسي للمرأة، وإعادة قراءة طبيعة التحديات سواء على مستوى الهياكل الإدارية أو الثغرات القانونية أو تلك المجتمعية التي تؤثر على مشاركة المرأة وتواجدها في مواقع صنع القرار، كما سيبحث المؤتمر سبل استدامة مشاركة المرأة وتأثير ذلك على تنافسية الدول وقدرتها على تحقيق مستويات تنموية عالية.