كيف أسهم «الأعلى للمرأة» في مواجهة أزمة كورونا؟

يواصل المجلس الأعلى للمرأة على منهجية رصد أفضل الممارسات والتطبيقات والبناء على النجاحات التي تحققت ليس لتطوير الأداء المؤسسي داخل المجلس في الوقت الراهن فقط بل لاستدامة هذا الأداء حتى بعد الجائحة والاستفادة القصوى من التحول الرقمي. فقد كان المجلس الأعلى للمرأة ضمن أوائل المؤسسات التي طبقت نظام العمل عن بعد بشكل كامل في ظل جائحة «كوفيد-19» منذ شهر مارس 2020، ووفقًا لآلية متسقة ومنظمة تتيح المزيد من سهولة التواصل بين الموظفين والمسؤولين وجميع المستفيدات والمستفيدين من الخدمات التي يقدمها المجلس وعن طريق مركز دعم المرأة بشكل خاص.
ونهض المجلس بكثير من الأدوار والمهام الحيوية خلال الجائحة في إطار الاختصاصات المنوطة به، مقدما دعما لمؤسسات الدولة أو مالئًا الفراغ الذي حدث نتيجة إرباكات الجائحة، وعزز من خدماته المساندة للمرأة وللاستقرار الأسري في مملكة البحرين، حيث يقدم المجلس خدمات نوعية متخصصة في المجالات الأسرية والقانونية والاقتصادية والدعم النفسي وغيرها من الخدمات والمتابعات الحيوية المساندة.
مساندة جهود الدولة
وقالت الشيخة دينا بنت راشد آل خليفة القائم بأعمال مساعد الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة إن مركز دعم المرأة حرص على التعامل مع تداعيات جائحة «كوفيد-19» بسرعة وواقعية وفاعلية في إطار منظومة العمل التي باشرت بها الأمانة العامة للمجلس الأعلى للمرأة على هذا الصعيد، وشارك بكوادره ضمن الكوادر الوطنية في الصفوف المتقدمة لمواجهة تداعيات هذه الجائحة، كلٌّ بحسب الاختصاصات والدور المنوط به والمأمول منه.
وأضافت أن منظومة العمل تلك جرى تأطيرها في حملة «متكاتفين لأجل سلامة البحرين»، وهي حملة تتوافق في محاورها وأهدافها مع صلب اختصاصات مركز دعم المرأة من جهة، وتواكب الجهود الوطنية العاملة على توفير أكبر مظلة حماية ممكنة للسكان والمؤسسات في مملكة البحرين من تداعيات جائحة «كوفيد-19».
وأشارت الشيخة دينا بنت راشد إلى أن المجلس الأعلى للمرأة بادر على وجه السرعة لتطوير منظومة الخدمات التي يقدمها من خلال مركز دعم المرأة وجعلها مرنة وذات كفاءة عالية في تلبية الاحتياجات التقليدية للمرأة والأسرة البحرينية إضافة إلى المتطلبات المستجدة والطارئة بسبب الجائحة، وتطوير الإجراءات واتخاذ كل التدابير اللازمة من أجل ذلك، وهو نهج تبناه المجلس كمؤسسة وطنية معنية باستقرار المرأة والأسرة والمجتمع البحريني ومساهم فاعل في منظومة الخدمات التي تقدمها الدولة في هذا الإطار. وما إن حققت الحملة الأهداف الموضوعة لأجلها حتى حطت أوزارها وجاء القرار باستكمال عملها ضمن منظومة العمل سواء في مركز دعم المرأة على صعيد تقديم الدعم الطارئ أو الاستشارات الأسرية والنفسية والاجتماعية، أو عن طريق مركز التوازن بين الجنسين على صعيد تقديم الاستشارات الاقتصادية، أو عن طريق المركز الإعلامي عبر الترويج والتوعية الإعلامية المطلوبة في مواجهة الجائحة.
تحول رقمي كامل
بدورها أوضحت السيدة عبير محمد دهام مديرة مركز دعم المرأة أن المركز أخذ على عاتقه مسؤولية توصيل بعض الخدمات والمساعدات لمقر سكن المستفيدات حماية لهن وللتقليل من المخاطر المحتملة عند تواجدهم خارج المنزل ضمن خدمة الدعم الطارئ.
وأضافت في هذا الإطار، أن مركز دعم المرأة واصل أيضا في تقديم جميع خدماته واستشاراته ومتابعته للمرأة وأسرتها من دون أي انقطاع أو إرباك عبر مختلف قنوات التواصل الإلكتروني، بل أضاف عليها خدمات أخرى تلبي المتطلبات المستجدة للمرأة والأسرة بسبب الجائحة.
وأكدت أن تطوير العمل عن بُعد مع المراجعين لمركز دعم المرأة أصبح واقعًا ترافق معه تطوير الخدمات والمتابعات وتحسين الاستشارات وكفاءتها، إضافة إلى إجراءات وآليات العمل ومن ضمنها بناء كوادر إبداعية قادرة على إدارة التحول الرقمي، حيث أشارت إلى أن موظفي المركز يؤدون حاليا مهامهم الوظيفية من خارج مقر المركز على أكمل وجه، مستخدمين من أجل ذلك بنية تحتية تقنية متقدمة، حيث تم تفعيل منصة Microsoft Teams للعمل الجماعي، وتفعيل الأنظمة الإلكترونية باستخدام خدمة الشبكة الافتراضية الخاصة VPN ونظام Remote Desktop، وتفعيل خدمة OneDrive للتخزين السحابي المشترك، بالإضافة إلى تفعيل نظام رصد العمل المنجز لتسجيل مهام العمل للمراقبة والتنظيم.
طرق فعالة في التواصل
وحول أبرز خدمات المركز الإلكترونية الجديدة وتنويع الوسائل للوصول إلى الجمهور، تحدثت الموظفات في مركز دعم المرأة: منال طاهر وشيخة جمشير وعائشة الكعبي وفاطمة عبدالهادي وعائشة الزعبي، وقلن إن المركز يقدم حاليا جميع خدماته إلكترونيًا بما يسهم في تسهيل التواصل مع المتعاملين والمراجعين، حيث يمكن لهم التقدم بطلب الاستشارات أو متابعة الخدمات الحكومية عن طريق الموقع الإلكتروني للمجلس الأعلى للمرأة، أو من خلال التواصل مع المركز عبر الوسائل الإلكترونية المعتمدة بما فيها الرقم المجاني 80008006 والبريد الإلكتروني للمركز ونظام المحادثة الفورية.
وأكدن أن مركز دعم المرأة يعمل على ضمان الوصول إلى الجمهور عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي، من دون الاكتفاء باستقبال طلبات الأفراد، بل الوصول إليهم من خلال الرصد اليومي في جميع وسائل التواصل بالتعاون مع المركز الإعلامي بالمجلس الأعلى للمرأة، ليقوم فريق مركز دعم المرأة بتقديم الاستشارة المطلوبة أو متابعة الطلبات عبر التنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
وأشرن إلى أن أبرز وسائل التواصل مع الجمهور تتضمن «الاستمارات الإلكترونية» التي تتيح استقبال جميع الطلبات بشكل إلكتروني، بما يسهل على المستفيدين تزويد مركز دعم المرأة بتفاصيل طلباتهم وبياناتهم الشخصية، و«بدالة مركز دعم المرأة» التي يستقبل المركز من خلالها المكالمات الهاتفية للرد على الاستفسارات وتوجيه أصحابها، و«وسائل التواصل الاجتماعي» حيث يتم رصد الطلبات على مدار الساعة من جميع منصات التواصل الاجتماعي، و«المحادثات الفورية» وهي خدمة حديثة في مركز دعم المرأة على شكل محادثات كتابية مباشرة بين فريق مركز دعم المرأة والجمهور.
حلول عملية لإشكالية تنفيذ أحكام الرؤية
وفي هذا الإطار كشفت الأستاذة بدرية الجيب أن مركز دعم المرأة ومع بدء الجائحة، تصدى لمهمة تسهيل رؤية وزيارة أبناء المطلقين، بعد أن تعذر تنفيذ قرار المحكمة الشرعية بأن تكون هذه الرؤية في المراكز الاجتماعية، وذلك نتيجة إغلاق تلك المراكز بسبب الإجراءات الاحترازية من فيروس «كوفيد-19».
وقالت إن مركز دعم المرأة تابع بحسب اختصاصاته الطلبات الواردة إليه والمتعلقة بتنفيذ رؤية أبناء المطلقين تشمل 208 حالات، حيث قامت الباحثات في المركز بالتواصل مع جميع تلك الحالات، والبحث معهم في أفضل السبل التي تتيح لأحد المطلَّقين رؤية طفله أو أطفاله لدى الطليق الحاضن لهم.
وأوضحت أن جهود المركز أثمرت إشاعة التفاهم حول موضوع الرؤية لدى 145 حالة، حيث اتفق معظم المطلقين على إتاحة رؤية الأبناء عن طريق الاتصال المرئي أو الهاتفي في معظم الحالات، وتابعت بالقول: «كان علينا أيضا مراعاة حالات أخرى لمطلقين أعمار أطفالهم 17 أو 18 سنة، بحيث يتم السماح للطفل برؤية والدته بنفسه، وأخرى لمطلقين أطفالهم رُضَّع لا يمكن التواصل معهم بفاعلية عن طريق الاتصال المرئي، وهنا سعينا لأن يكون لقاء هؤلاء الأطفال الرضع مباشرا مع والدهم في مكان متفق عليه، وهذا ما كان».
وتابعت الأستاذة الجيب أن مركز دعم المرأة لا يزال يبذل مساعي حثيثة مع 63 حالة لم تشهد توافقا بين المطلقين حول رؤية الأبناء حتى الآن، في ظل تمسك أحد الطرفين بقرار القاضي الشرعي بأن تكون الرؤية في المركز الاجتماعي، وأشارت إلى أن التحدي هنا هو عدم القدرة على معرفة متى سيتم فتح المراكز الاجتماعية مرة أخرى.
كما واجه فريق مركز دعم المرأة العديد من الإشكاليات لمن لديه حق في رؤية الأبناء من بينها اشتراط لجوء الأطراف إلى محكمة الموضوع مرة أخرى بهدف الحصول على موافقتها على التنفيذ عن طريق الوسائل المرئية حتى في ظل وجود حكم سابق، الأمر الذي يحتم التفكير جديًا بإيجاد حلول مرنة وواقعية بما يحافظ على الاستقرار الأسري ومصلحة المحضون على وجه التحديد.
وأشارت إلى أن المجلس الأعلى للمرأة مازال يتلقى حالات طلبات رؤية الأبناء عبر هذا البرنامج، وأوضحت أن ذلك يأتي في إطار حرص المجلس على مد مظلة الدعم لتشمل ليس المرأة فقط، وإنما الطفل والأسرة أيضا، وبما يعزز من الاستقرار الاجتماعي في مملكة البحرين.
برنامج نوعي
ومن المبادرات النوعية التي أطلقها المجلس الأعلى للمرأة في ظل جائحة «كوفيد-19» برنامج «مستشارك عن بعد» المعني بتقديم الاستشارات الأسرية والقانونية والنفسية الرامية إلى تعزيز الاستقرار الأسري، وهو ما مكن المجلس من مواصلة تقديم استشاراته للمرأة والأسرة البحرينية «عن بعد»، إضافة إلى مساعدة المرأة على تخطي التحديات المستجدة بسبب الجائحة وتخفيف الآثار السلبية الناجمة عنها. وقد قام المجلس الأعلى للمرأة بتنفيذ هذا البرنامج بالتعاون مع العديد من المؤسسات سواء الرسمية أو القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة، إضافة إلى عدد من الخبراء المتطوعين.
وقالت رئيسة قسم الاستشارات القانونية في مركز دعم المرأة أوهاج المناعي إن عددًا من الاستشاريين والخبراء من ذوي الاختصاص ينهضون بمهمة تقديم تلك الاستشارات على فترتين يوميًا، صباحية ومسائية، والرد على جميع الاستفسارات الواردة بشأن الصعوبات التي قد تواجهها المرأة المعيلة أو العاملة أو رائدة العمل في التأقلم والتكيف مع تبعات الأزمة الصحية.
وأوضحت المناعي أن تلك الخدمات تشمل الاستشارات القانونية ومتابعات الأسر للقضايا الأسرية، ومن أبرزها تعذر تنفيذ أحكام الرؤية لأبناء المطلقين، وعدم الإلمام الكافي بإجراءات التقاضي الإلكترونية لتنفيذ أحكام النفقة والحضانة والسكن وما يرتبط بها من قضايا مدنية تتمثل في استصدار المستندات الثبوتية للأبناء واثبات مساهمة الزوجة في مسكن الزوجية وغيرها، وكذلك التوجيه بشأن إجراءات رفع الدعاوى وتنفيذ الأحكام القضائية، ومواصلة تقديم المساعدة القضائية المجانية للنساء المعوزات وذوات الدخل المحدود.
وقالت رئيسة قسم الاستشارات الأسرية في مركز دعم المرأة أمل بدو إنه بالنسبة لمجال الاستشارات الأسرية، فقد تمكن مركز دعم المرأة ومن خلال برنامج «مستشارك عن بعد» من مواصلة تقديم المشورة الاجتماعية والأسرية باتباع وسائل التوفيق والصلح الأسري، إضافة إلى عقد جلسات استشارية متخصصة في المجالات المختلفة للمرأة والرجل على حد سواء، بهدف التغلب على المشكلات الحياتية والزوجية، وتمكينهم من بعض المهارات السلوكية التي تساعد أفراد الأسرة من التقريب بين وجهات النظر وتقبل الاختلاف من دون إرباك للعلاقات الأسرية، كما يواصل فريق عمل المركز بصياغة اتفاقيات الصلح والتسويات بين أطراف العلاقة الزوجية ومراجعتها قانونيا لضمان عدم مخالفتها للقانون أو أحكام الشريعة الإسلامية.
تعاون فاعل مع «العدل»
ومع جائحة «كوفيد-19» تعاون المجلس الأعلى للمرأة ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف من خلال تفعيل خدمة حجز مواعيد مكتب التوفيق الأسري عبر موقع الوزارة وتقديم الخدمة عبر الوسائل الافتراضية، وذلك تسهيلاً على المتقاضين في تقديم الطلبات وتلقي خدمة التوفيق الأسري ولضمان استمرارية العمل في المكتب في ظل الجائحة. وقالت عبير دهام مديرة مركز دعم المرأة إن هذا العمل يأتي تنفيذًا للخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية (2019-2022)، وعلى وجه التحديد محور استقرار الأسرة الذي يشتمل على مبادرة تطوير وتجويد خدمات مكاتب التوفيق الأسري بتسوية المنازعات الأسرية وديا والعمل على حل خلافاتها بالتراضي والاتفاق الودي عبر مختلف الوسائل.
إرشادات للعمال وأصحاب الأعمال
واستمر مركز دعم المرأة في استقبال الشكاوى المهنية والعمالية والقضايا الإدارية بحسب اختصاصه وذلك بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة وتقديم الاستشارة القانونية لأصحابها حول إجراءات التظلم الوظيفي وتقديم الشكوى العمالية بوزارة العمل وما يليها من إجراءات.
وقالت الموظفة في المركز السيدة أماني العالي إن فريق عمل المركز يقدم الاستشارة للموظفين والعاملين في القطاعين العام والخاص بحسب أحكام وإجراءات القانون المختص مع مراعاة المهل القانونية ضمانًا لعدم ضياع حقوقهم، كما يقوم بتوجيه أصحاب العمل والمشاريع التي تأثرت بسبب الوضع الحالي لخدمات وحزم الدعم الحكومي لأصحاب المشاريع ومؤسسات القطاع الخاص.