عهد زاهر وحصاد وافر للمرأة البحرينية

"إننا ماضون وبعون من الله، رغم كل التحديات، لتحقيق المزيد من الإصلاح في بلادنا وتنمية مجتمعنا، ماضون في تعميق أسس المواطنة القائمة على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، فهذه هي المبادئ التي يعمل من أجلها مشروع الإصلاح والتحديث الوطني"، كلمات سامية لقائد مسيرتنا العامرة وراعي نهضتنا المتجددة، تأتي مؤكدة على رجاحة الرؤية الملكية، ورحابة أفقها، وارتفاع سقف آمالها وطموحاتها لخير ورخاء ورفعة شعب البحرين الوفي، برجاله ونساؤه الكرام، الذين لم يترددوا يوماً في حمل مسئولياتهم وواجباتهم تجاه وطنهم. فكانت العشرين عاماً رحلة ممتدة لمسيرة الوطن في العطاء، ومليئة بالعمل الجاد لإنجاح تجربة البحرين المتجددة التي ما كانت لتتحقق، وبحسب قناعات جلالته، "لولا وجود أساس اجتماعي داخلي صلب متمثل في المجتمع المدني الناضج، والواعي بمؤسساته وخبراته وأنشطته في مختلف جوانب الحياة".
ومع تلاقي الإرادتين، الملكية والشعبية، شهدت مملكة البحرين خلال عشرين عاماً، نهضة حداثية نقلت البلاد إلى مرحلة عمل جديدة بإصلاحاتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية وعاشت البلاد خلال هذه الفترة مناخ عمل منفتح شعاره الإصلاح والتجديد والبناء على ما سبق، وشواهد ذلك تسرده فصول هذا الإصدار الهام الذي يأتي موثقاً ومؤرخاً لحقبة زمنية متميزة من تاريخ البحرين الحديث، وبما يؤكد بأن مشروع العمل الإصلاحي، لم يكن وليد لحظته بل جاء خلاصة لرؤية رجل الدولة "المفكر" وخلاصة لخبرة واقعية وبطموح لا حدود له، وهو ما شهدناه عن قرب منذ تولي جلالته حفظه الله لمسئولية ولاية العهد حيث جمع بين حنكة المسؤول السياسي برؤيته الاستراتيجية الشاملة، وإرادة وشجاعة القائد العسكري الذي آمن بمقدرات شعبه، ولا يهدأ له بال إلا بسعادتهم ورفعتهم.
ومن تلك الرؤية الملكية الرحبة جاء تأسيس المجلس الأعلى للمرأة الذي لم ينفصل عند قيامه عن منظومة مؤسسات دولة القانون الحامية لثوابتنا الوطنية، والذي حرص منذ حمله لرسالته وتوليه لمهامه بأن يكون خير معبرّ عن صوت المرأة البحرينية، وخير مُعين في دعم المسيرة الحديثة لنساء الوطن، اللواتي لم يبخلن أبداً بعطائهن العلمي والعملي، فكان حضورهن مبكراً وشاهداً على ما يتمتع به المجتمع البحريني من تحضّر وتقدم.
ويحدونا الفخر أن تشهد مسيرة المجلس الأعلى للمرأة، منذ إنشائه في 22 أغسطس 2001، دعماً ومساندة ملكية سارعت خطاه ومكنته من وضع قواعد العمل النسائي المؤسسي المنظم، فجاءت استراتيجيات عمله مواكبة لمتطلبات التنمية والحاجة لاستيعاب طموح المرأة البحرينية "كشريك جدير في بناء الوطن"، بالنظر إلى ما تملكه البحرين من كفاءات نسائية متسلحة بسلاح العلم والمعرفة، ولما تتحلى به من وعي مدني يقظ وحس وطني مسئول، لتكون بذلك قلب الوطن النابض، وأساس رفعة ونهضته.
وفي تقدير وطني رفيع، وتعبيراً عن المكانة الكبيرة التي تحظى بها المرأة البحرينية، تفضل جلالته باعتماد الأول من ديسمبر يوماً خاصاً للاحتفاء بإسهاماتها العريقة ومن ضمن شهر احتفالاتنا الوطنية المجيدة، بشعارٍ معبر ومجسد لمراحل تطور مشاركتها التي بدأت بإقبالها على التعليم غير النظامي قبل أكثر من 90 عام، لتأتي بعدها مرحلة خصبة نمت خلالها علومها ومعارفها وثقافتها، وصولاً إلى مشاركتها المتدرجة في البناء الوطني وبلوغها اليوم لقمة الهرم كشريك في إدارة الدولة، برئاستها للغرفة المنتخبة بالسلطة التشريعية.
فهنيئاً لنا جميعاً هذه الإنجازات المباركة للمرأة البحرينية التي تحققت عبر عشرين عام من العمل الوطني الجاد المتمثل في انتقال البحرين بسياساتها وبرامج عملها التنموية القائمة على عدالة إتاحة الفرص وتحقيق التوازن بين الجنسين، لمرحلة عمل جديدة تكون المرأة البحرينية مسئولة عن خياراتها وقادرة بعزمها على النهوض بمجتمعها.
وختاماً، لا يسعنا إلا أن ندعو المولى عز وجل أن يديم على وطننا الغالي الازدهار، وعلى المرأة البحرينية المزيد من التقدم، وأن يكون التوفيق والسداد حليفاً لجهود ومساعي عاهل البلاد المفدى، أطال الله في عمره، لتستمر مسيرة الخير، والرفعة، والرخاء.
--------------------------------------------------------------------------
تقديم صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك مملكة البحرين رئيسة المجلس الأعلى للمرأة في كتاب "عقدان مزهران" الصادر بمناسبة ذكرى ميثاق العمل الوطني عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة (14 فبراير 2019).